الجمعة، 23 مارس 2012

كى لا ننسى




فى مارس من كل عام ، وإذا ما تلفع الكون بالربيع مجدداً ، وبينما تشدو العصافير الملونة بألحانها الجميلة و هى تتناقل بين الأغصان التى كستها الأوراق الخضراء بعد شتاء بارد أفقدها إياها ، كنت أنتظر أن يشدو جرس الباب بنغمته الهادئة معلناً عن وصول هديتك المعتادة ، تفقدت الرزنامة لأتحقق أن اليوم هو الحادى والعشرين من مارس .. وقد كان !

لعل المانع خير ، ليس أمامى ألان سوى إنتظار ساعى البريد يأتى حاملاً الطرد البريدى الذى يحوى هديتك كالعادة ، فأنا أعدّ أيام الزمن وساعاته فى إنتظار هديتك .. لا أذكر سوى مرة واحدة التى أخطأت فى حسابى ، حيث وصلت الهدية قبل موعدها بساعات قليلة ، طال إنتظارى لساعى البريد ولكنه لم يأت كعادته .. يمر الوقت و بمروره تتناسل أسئلة القلق مستحضرة هواجس الخوف ، ومع طول الانتظار يتزايد الشعور بالحزن ، فما أصعب أن ينتظر الانسان لحظة لا تجئ !

هل يمكن لأحد أن يكسر ساعات الزمن أو يجر عقارب الساعة إلى الامام كى تمر بسرعة ؟! ، أتمنى لو أسبق الزمن كى أرى مستقبل اللحظات القادمة ، كنت أحسب أن قلق الأمهات غير مبرر طالما كان الأبناء بخير ، بغض النظر عن بعدهم أو قربهم من أحضان أمهاتهم ، لكن ألان فإن تأخر عادتك و عدم حدوثها جعل من حيرتى تأويلاً مفتوحا على كثير من الاحتمالات .. يكاد يقتلنى الخوف عليك ، ويمزق قلبى طول الانتظار .. أترقب فى صمت شديد أن يقرع جرس الباب معلناً وصول هديتك .. مازلت أنتظر فى ترقب !

فى مارس من العام التالى .. وتحديداً يوم الحادى والعشرين .. و فى صندوق البريد أمام المنزل وضع ساعى البريد لفافة مزركشة بعد أن فقد الأمل فى أن يفتح له أحداً باب المنزل ، فالهدوء والصمت وحدهما هما من يسيطر على المكان،لقد ماتت الأم!

لا تأخذكم مشاغل الدنيا .. فتنسيكم أقرب الناس إليكم .


ــ بقلم / أحمد مصطفى الغـر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق