الأحد، 25 سبتمبر 2011

ذكـريات الصبـا



ثمة ذكريات لا يمكن أن تُنسى أو تُمحى من ذاكرتنا.. فهى ليست مجرد جزءاً عابراً فى ماضينا ، ننساه بمجرد تخطينا له .. وإنما هى ذكريات محفورة فى أذهاننا ، ستظل باقية كى تسعد قلوبنا كلما هب عبيرها يغازل خيال ماضينا ، فتنتعش ذاكرتنا فى محاولة جاهدة منها ضد النسيان .

أتذكر بعضا من تلك الأيام ـ إن لم تكن كلها ـ و أحاول دائما أن أظل أرددها كلما حانت فرصة أو جاءت مناسبة ألتقى فيها برفيق من رفقاء الصبا ، لكن مشاغل الحياة دائما ما تقسو علينا ، وتحرمنا من تلك اللحظات القليلة للقاء .. تمنعنا من مجرد الحصول على وقتٍ للذكرى .

فلنحاول أن نقتنص وقتاً و لو قليلاً من أوقاتنا كى نتذكر أيام الماضى الحلوة و ذكرياته الجميلة ، لعل ذلك يساعدنا على التخفيف من ضغط الحياة المعاصرة ، ويفرج عنا جزءاً من همومها و مشاكلها .


ــ بقلم / أحمد مصطفى الغـر

السبت، 17 سبتمبر 2011

وداعاً .. محمد حسين حجازى



مساء الاربعاء ـ الساعة : الثانية عشر إلا ربع تقريبا .. فتحت موقع جريدة الجمهورية لمطالعة عددها الاسبوعى على غير عادتى ، إذ كنت معتاداً على مطالعته فى صباح يوم الخميس غالباً ، وجت هذا الخبر المحزن فى مقدمة "الركن الهادى" بـباب "مع الجماهير" .. :

( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. للأسف عندي النهارده خبر وحش.. أول امبارح الثلاثاء وأنا أعد الركن للنشر. اتصل بي من طنطا القاريء الدكتور حسن العضمة ليبلغني بوفاة زميله القاريء الطنطاوي الدائم محمد حسين حجازي.. اللي كان بيمتعنا دايماً بآرائه وأفكاره في الصفحة ، خالص عزاء "مع الجماهير والركن الهادي" لأسرة الفقيد ودعواتنا له بالرحمة ولهم بالصبر.. وشكراً للدكتور حسن للجهد الذي بذله من أجل الوصول للمحرر وإبلاغه الخبر في حينه) .

بعدها وجدت أنه قد تم نشر هذه الرسالة فى بريد الاهرام للاستاذ: سامي ميرس من كوم امبو ـ أسوان تحت عنوان " ورحل صديف آخر " : ( ..‏ ويتساقط الأحبة والأصدقاء ممن أثروا بريد الأهرام بفكرهم وعطائهم‏..‏ فلقد صدمت في آخر محادثة تليفونية للاطمئنان علي صحة الصديق الحميم الأستاذ‏/‏ محمد حسين حجازي من طنطا بأنه قد غادرنا الي خالقه وهو في أوج عطائه واسهاماته المتميزة في شتي المجالات بخفة ظله المعهودة وقفشاته الطريفة.. لقد فقدنا الصديق صاحب الخلق الرفيع والتواضع الجم ولا نملك إلا أن ندعو له بالرحمة والمغفرة ) ، و قد نشرت رسالة مشابهه له أيضا فى جريدة الاخبار اليومية .. تحمل نفس الخبر ، وهنا رسالة بريدية أخرى بالاهرام كانت للعميد صيدلى متقاعد سمير محمد المغربى من الاسكندرية تحمل نعياً له جاء فى مقدمتها : وهكذا يدبل الورد الجميل. وتجف الأشجار الباسقات من تساقط أوراقها اليانعات. فقد فوجئت وحزنت كثيراً عندما اطلعت ببريد الأهرام على رسالة الأستاذ سامى ميرس . التى نعى فيها فارساً متميزاً من فرسان البريد الكرام هو الأستاذ محمد حسين حجازي. ولقد تصادقت مع الراحل الكريم عن طريق المراسلات البريدية فقط ولم يحالفنى الحظ بمقابلته رغم أنه الشقيق الأصغر لصديق عزيز هو المهندس محمود حجازي. وكان الفقيد ذى حس فنى مرهف ومتميز. وكان مستمعاً حقيقياً وذواقة لكل فن رفيع ومحترم للعمالقة الكبار ويحتفظ بتسجيلات كثيرة ونادرة لهم. إننا سوف نفتقدك كثيراً يا أستاذ محمد ...



منذ أن تعلمت قراءة الصحف و صارت هواية أو ربما كانت هكذا من البداية ، وأنا أرى اسم الاستاذ محمد حسين حجازى فى غالبية ان لم يكن كل الصحف التى وقعت عليها عينى ، كانت له ملاحظات ثاقبة فى كثير من مجالات الحياة و مشكلات المجتمع ، كنت أستغرب فى حينها من توقيعه الدائم لسنوات طويلة حيث كانت عبارة ( بكالوريوس علوم طنطا ) تجاور اسمه باستمرار ، فهل هو لا يتخرج أبداً من الكلية وظل طالباً فى السنة النهائية ؟ أم أنه لم يجد وظيفة حتى ألان ..؟ ، خصوصا و أننى قد وجدت اسمه و بنفس التوقيع فى صحيفة قديمة تعود للسبعينات ( لا أذكر العام بالتحديد ألان) ، معظم من يقرأون الصحف بالتاكيد قد قرأوا اسمه على الأقل ـ أكررها : على الأقل ــ قد رأوا مساهمة او مقالة او مشاركة نصية منه ولو لمرة واحدة ، وإن كان ذلك لا يصدق ، لأنهم بالتأكيد قد رأوا الاسم وقرأوا ما كتبه صاحبه لمرات عديدة ، كانت اذاعة الاغانى لا تسلم من ملاحظات مستمع مخلص ومتقن فى سماعه ، لدرجة أنه كان يجمع الأخطاء طيلة الاسبوع ليرسلها الى الصحافة فى نهايته ، كم كان غريباً أن تجد إذاعة ـ من المفترض ـ أنها يعمل بها كودار من ذوى الخبرة فى مجال عملهم ، فتجدهم بلا أدنى خبرة !

كتبت معه فى جريدة واحدة وهى ( الراية العربية) وذلك فى بداية صدورها ، حيث كنت اكتب مقال فى صفحة الرأى و كان له عمود فى صفحة الفن .. لكنه توقف بعد فترة لظروف ما ... و ربما كانت هذه هى أقرب الفرص التى أتيحت لى كى أقابله ، لكن للأسف لم تحدث المقابلة ، و لن تحدث أبداً .. بعد أن رحل عميد قراء الصحف ، و أكثرهم إخلاصاً .. ومن الغرابة أن الحالة ( الاستاتيس) الخاصة بى على صفحتى على الفيس بوك كانت فى اليوم ذاته و قبل معرفة خبر الرحيل هى : القسوة ليست فى الموت .. بل فى الفقــد ــــ فعلا سنفتقد هذا الشخص العزيز : (

"محمد حسين حجازى ـ بكالوريوس علوم طنطا" .. ظل هذا الاسم وبهذه الكيفية لسنوات طويلة يزين الكثير من أعداد الصحف المصرية المختلفة ، بل و إمتد إلى الصحف والمجلات العربية خارج مصر أيضاً ، ومؤخراً كان يزين بعض الصحف الاليكترونية على الانترنت ، رحل الأستاذ/ محمد فى صمت حيث توفى إلى رحمة ربه الكريم .. تاركاً بصمة لن تُنسى فى تاريخ الصحافة من خلال العديد من الرسائل والمساهمات التى ناقش من خلالها الكثير من مشكلات المجتمع بطريقة موضوعية ساخرة ، وكتب فى مجالات مختلفة كثيرة بخفة ظل مصرية إعتدناها فى ما يكتبه ، وداعاً محمد حسين حجازى .. سنفتقدك ، لكن ستبقى ذكراك وكتاباتك فى قلوبنا .


ـــ أحمد مصطفى الغـر

الثلاثاء، 13 سبتمبر 2011

العــودة إلى المدارس و الجامعات










إنتهت الاجــازة ... عساكم من عوادها


** حقوق الملكية الفكرية للرسوم الكاريكاتيرية محفوظة لرساميها

الأحد، 11 سبتمبر 2011

رسالة إلى الله



ربما كان القدر قد خطط له أن يكون فى مكان الجريمة بعد لحظات من وقوعها ، وربما لسوء حظه كان مجئ رجال الشرطة وهو مازال فى مسرح الجريمة .. بصماته فى كل مكان ،فقد حاول أن ينقذ القتيل قبل وصول الشرطة بلحظات ،لكن المجنى عليه فارق الحياة حتى قبل أن يفكر الرجل كيف سيساعده،وإلى أى مكان سينقله ؟!

يبدو أن القاتل قد هيئ مسرح الجريمة كى يسقط أول شخص يصل الى المكان، ومسح آثار بصماته ،و رتّب لوقت وصول الشرطة ، فكان الشرك الذى أعده محكم التخطيط والتنفيذ .

مرت الأيام واستمرت التحقيقات يوماً تلو الآخر ،يؤكد الرجل فى كل يوم أنه برئ من تهمة القتل وان مروره من المكان كان من قبيل المصادفة ،لكن ثبوت بعض الأدلة المفتعلة عليه جعل من براءته أمراً مستحيلاً ، طول فترة التحقيقات التى استمرت لأيام كثيرة جعله يفقد الأمل شيئاً فشيئاً فى أن يرى نور الحرية و العدالة. ، حاول الرجل أن يشرح موقفه ويؤكد براءته لقاضى المحكمة ، لكنها تلك الأدلة المصطنعة الملعونة تعاود فى الظهور مرة أخرى لتضعف من موقف الرجل وتثبت إدانته !

أصدر قاضى الدنيا حكمه على الرجل بأن تزهق روحه شنقاً ، فإنهار البرئ داخل قفصه الحديدى البغيض، ربما كان القاتل الحقيقى فى هذه الأثناء يمرح ويتسكع معتقداً أن حريته لن يسلبها منه أحد ، وأن حياته خالدة الى الأبد ، لا يعرف أن كل مجرم سيتألم من كل جريمة ارتكبها ولو بعد حين ،وأن قاضى الآخرة سيكون أكثر عدلاً وإنصافاً من قاضى الدنيا ،كما أن عقابه سيكون أقسى و أشد .

فى آخر أيام الرجل فى الدنيا ،وهو فى طريقه الى غرفة الاعدام ،طلب من شانقيه أن يعطوه ورقة و قلم كى يكتب خطاباً ..لقد كان الخطاب هو آخر ما يتمناه قبل الموت ، كتب الرجل بعض الكلمات ثم طوى الورقة وكتب العنوان عليها، نُفْذَ الحكم ،و فارق الرجل الدنيا ، تلك الدنيا المظلمة التى غابت عنها العدالة فى أشد حاجته إليها ، وغابت العدالة تماماً مثلما غابت الحرية والانسانية ، وانتشر بدلاً منها : الفساد والظلم والوحشية .

حاولوا فيما بعد ارسال الخطاب لكنهم فشلوا فى ذلك ، فالعنوان غير مدرج ضمن قوائهم البريدية .. وبعد جدال طويل ونقاش حاد استقروا على أن يضعوا ذلك الخطاب مع الرجل فى قبره لعله يصل ذات يوم الى العنوان المقصود .. لقد كان العنوان : ( رسالة إلى الله ) !


قصة قصيرة و رسوم / أحمد مصطفى الغـر


القصة حصلت على مركز متقدم بالمسابقة الادبية بجامعة طنطا ، و وصلت للمرحلة النهائية من التصفيات فى مسابقة مختبر السرديات بمكتبة الاسكندرية ، و قد تم نشرها فى العديد من الصحف والمجلات العربية المطبوعة والاليكترونية