بينما يقتل العشرات من الفلسطينين من سكان قطاع غزة المحاصر سواء نتيجة القصف المباشر أو تحت انقاض المنازل ، وبينما تستقبل المستشفيات يوميا دفعات جديدة من الجرحى مع إختلاف أعمارهم و حالاتهم ، نشرت صحيفة " جيروزاليم بوست " الاسرائيلية مقالاً لأحدى الصحفيات العاملات بها تتحدث فيه عن حالات هلع وخوف وإكتئاب أصابت الحيوانات الاليفة التى يقتنيها سكان جنوب دولة الكيان الصهيونى ، فأصوات التفجيرات نتيجة سقوط صواريخ المقاومة الفلسطينية و أصوات صافرات الانذار التى تدوى من حين لأخر تسبب قلقاً و خوفاً لتلك الحيوانات ، وطبعاً أصحابها على حد السواء ، فهما مشتركان فى نفس الشعور بالخوف والقلق ، لكن ثمة فرق بينهما أن الاولى أليفة و الثانية متوحشة !
![](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj3hajR7_VESrXqAti-Z19AgVpydp9H1v_8vkeagWygxHfhoED3jouBNG0BneG0VM1CMQycgJDiG__DDoefh_og13zZJQQrz3mYvDQfFoT_OCHxDag-Vb6IuMRajJ5nzYaZoTV3SXHYWlh-/s320/2658488107.jpg)
بحسب "شارون يودسين" الصحفية التى كتبت عن هذا الموضوع على حسابها على تويتر ، فالحيوانات مصدومة ! ، و قد قرأت مقالا بالانجليزية لها أيضا تحدثت فيه عن أن مئات من التعليقات المعادية على الشبكات الاجتماعية قد وصلت إليها تسخر وتنتقد ما كتبته ، و انا شخصيا لا أعرف اذا كان الأمر قد يحتاج الى مزيد من السخرية والانتقد لما كتبت عنه هذه الصحفية أم لا ، خاصة وأن البعض يعتبر تغطيتها للأمر يعد ـ من الناحية الصحفية ـ أمر جيد ، أن تقوم بتغطية الحرب بصورة مختلفة ، لكن المشكلة هنا أنه لا قيمة للحديث عن الحيوانات التى تصاب بالاكتئاب فى ظل بشر يموتون بأطنان المتفجرات التى يقذفها الطيران الاسرائيلى يوميا على قطاع غزة ، الصحفية دعت أصحاب الحيوانات إلى توفير الماء والغذاء لحيواناتهم مع وضعهم فى أماكن آمنة حفاظا على حياتهم من التهديد و من صوت صافرات الانذار ، لكنها نست أو ربما تناست أن تطلب من القادة الصهاينة عدم قصف الاطفال الابرياء أو حتى السماح لمنظمات الاغاثة الاسلامية والعربية أن تتمكن من إدخال الماء والغذاء و المعونات الطبية والدوائية للمرضى و المصابين من أهالى القطاع .
![](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj6N614rZBeJZXgOjfMEsXBcT1sqiSxfUFhDM8vkRwpbhfuKUEPVBakMw2MP-UW_6TBu6H58xJpdZcy4NWeYYM22oyOXz_w1Kz0W7buI_FsgV8ohjuNf4ppS0fuIz_4PFGgIVuo4YlZUTRo/s320/01.jpg)
باسم حقوق الانسان تتدخل الدول الكبرى فى شئون غيرها ، وتنأى بنفسها أحيانا وتغض الطرف عن جرائم كثيرة تحدث فى دول ومناطق أخرى ، فمثلا إذا شككت فى محرقة النازى لليهود فأنت متهم بإنكار المحرقة وهذه تهمة تكفى لسجنك وسلبك حريتك و تغريمك و أحيانا إنتقاص بعض حقوقك مستقبلاً من إبداء رأيك فى أى صحيفة أو إذاعة أو قناة فضائية ، فى حين أنه إذا كانت تحدث مجازر بحق فئة من البشر كتلك التى كانت ومازالت مستمرة فى "بورما" ضد مسلمى الروهينجا فلن يلتفت إليك أحد ، فهذا شأن داخلى ! ، لو تحدثت عن مجازر وحصار و قتل وتشريد و تجريد الفلسطينين من منازلهم و تجريف أراضيهم .. يكون الرد: هذا شأن خاص بصراع تاريخى و أن ما تفعله اسرائيل أمر داخلى يتعلق بأمنها القومى ، ذاك الأمن الذى يتعهد كل رئيس أمريكى أو حتى مرشح رئاسى بالحفاظ عليه ، و باسم حقوق الحيوان أيضا تتدخل الدول والمنظمات فى كثير من الشئون المتعلقة بالمجتمعات ، فذبح الأضاحى فى نظر بعض المنظمات جريمة يتم إرتكابها بحق الحيوانات ، يعتبرون ذلك وحشية من المسلمين ، لكنهم يغضون الطرف عن الطريقة التى يقتل بها مصارعى الثيران ثيرانهم بإدخال "سيخ حديدى" فى رأس الثور ، أو حتى الطريقة المتبعة لقتل الدجاج فى بعض مطاعم الدول الغربية من خلال صعقها كهربياً ، بالرغم من أن العلم أثبت لاحقاً ومتأخراً جدا أن طريقة الذبح التى يتبعها المسلمون هى الأفضل طبياً وصحياً.
أخيرا .. يا من تحبون الحيوانات أكثر من بنى البشر ، وتبحثون عن حقوق الحيوان قبل البحث عن حقوق الانسان ، إليكم كلمات محمود درويش فى قصيدته "عن الصمود" يقول فيها : إنا نحب الورد / لكنا نحب القمح أكثرْ / ونحب عطر الورد / لكن السنابل منه أطهرْ .
ــــــــ بقلم/ أحمد مصطفى الغـر