الاثنين، 19 أبريل 2010

زمن الحرب والضيافة المجانية

فى عام 1944 حول الفنان محمد عبدالوهاب شقته التى كانت فى عمارة الايموبيليا بالقاهرة الى مكتب لأعماله .

و كان توفيق الحكيم يسكن فى بنسيون قريب من تلك العمارة ، وكان يجلس فى الأمسيات فى مقهى صغير فى الدور الارضى من عمارة الايموبيليا ( ألان تحولت كل هذه الاماكن و التى كانت شاهداً على رقى المدينة الى محلات تجارية ) . فى تلك الفترة كانت الحرب العالمية الثانية على أشدها و كانت القاهرة تتعرض من وقت لآخر للعديد من الغارات الالمانية عليها .

و كان الحكيم اذا ما سمع صفارات الانذار ، نهض مسرعاً ، حاملاً عصاه ، صاعداً على السلم فى ذعر ، حتى يصل الى مكتب عبدالوهاب كى يحتمى فيه ، ظلت الحالة هكذا طوال زمن الحرب ، يقتحم الحكيم مكتب عبدالوهاب طوال مدة الغارة ، فيستضيفه عبدالوهاب بكرم الضيافة و يقدم له الساخن و البارد و كل ما طاب واشتهى .

فكانت سنوات الحرب بالنسبة للحكيم سنوات من الخير و العطاء والضيافة المجانية ، و فى آخر أيام الحرب انشغل عبدالوهاب بأفلامه ،فأغلق المكتب مؤقتاً ، فكان الحكيم يجاس على المقهى ناظراً الى نوافذ المكتب المغلقة ، متحسراً على أيام الحرب والضيافة التى لن تعود !!


مما قرأت :: أحمد مصطفى الغـر

الاثنين، 12 أبريل 2010

مشاهد من الحياة ــ الجزء الثانى

فى الحياة ... قصص و حكايات كثيرة .. أنتم أبطالها .. تمثلون مشاهدها ببراعة فائقة فى سيناريو محكم الاعداد .. تتبادلون الادوار و الاماكن فى أزمنة متتالية و متعاقبة دون توقف .. و أنا معكم و بينكم أعيشها و أرصدها مثلكم .. وأكتبها أحيانا .. فتقبولها منى فى أسلوبى الادبى المتواضع على أجزاء متسلسلة تحت عنوان : مشاهد من الحياة

المشهد الثانى : صحافة ضد التيار

المتابع لحال الصحافة المصرية فى الفترة الاخيرة ، سيجد أنها تتجه نحو الاسوأ ، و أقصد بالاسوأ هو الانحدار من الناحية المهنية و الحرفية ، والاخلاقية أحيانا ..وقد ظهر ذلك واضحا خصوصا عند التعامل مع الازمات الداخلية او الموضوعات التى تمثل قضايا للرأى العام



.. تجد فريقين متناحرين ، يتصيد كلا منهما بالاخر ، ولا يمانعون او على الاقل يجدون حرجا فى استخدام كل الاسلحة المحرمة فى تلك المعركة التى يخضوها على صفحات صحفهم ومجلاتهم ومواقعهم الاليكترونية
فالصحف القومية ، لم تعد قومية ، واصبحت حكومية بحتة ، تتحدث بلسان حال الحكومة ، رغم انها قومية .. وحتى لا تبادرنى بالقول : بعدم وجود فرق بين كلمة حكومية و قومية ... أسمح لى ان اوضح نقطة صغيرة جدا .. صحف قومية : تعنى صحف تتحدث بلسان المجتمع ككل ، تتحدث باسم طوائف المجتمع كله ، باسم كل ابناء الوطن ، باسم الشعب والحكومة على حد السواء، لا تدافع عن ذلك أو ذاك ولا تميل لطرف على حساب الاخر ، و ان كانت تبقى فى نهاية الامور مؤيدة لمصلحة الشعب و مصلحة الوطن ، و لكن اذا نظرت لحالها الان ستجد انها اصبحت ــ جميعا ــ ناطقا رسميا باسم الحكومة ، ومحاميا عنها ، و ومدافعا عنها ضد الشعب المفترى الذى لا يلتمس الاعذار لحكومته ، بل ان بعض الصحف لا تجد الحرج فى سب بعض ابناء الشعب او اغتيال أحلامه فى التقدم والتنمية ، و ربما تجاوز الامر الى اتهام البعض بالخيانة للوطن .. حتى صار حال هؤلاء الصحفيون فى النهاية : كتبة حكوميين ، يدافعون عن النظام فى الحق والباطل.



أما الصحف المستقلة والمعارضة ، لم تبقى على حالها أيضا ، فنفوذ بعض رجال الاعمال و سلطاتهم ، جعلها تحيد عن مساراها الصحيح ، و أصبحت تتحدث باسم افراد بعينهم فى المجتمع ، و فتحت مجالا لكتاب للرأى الشاذ و المخالف للمنطق العقلى و الدينى أحيانا ، و فتحت نافذة للحرية المرة ، تلك التى نقبلها بصعوبة ، بل و نرفضها غالبا

أما الصحف الحزبية ، فأنا لم أعد أسمع عنها حقيقة ، باستثناء واحدة أو أخرى ... فأساسا لم يكن لدينا احزاب حقيقة ، فكيف تتوقع منها صحف حقيقة ؟! .. يكفى فقط الاشارة الى اننا لدينا صحف حزبية .. وليس من الضرورى ان تعرف اسمائها ، لأنها أقرب الى اللاموجودة ..

ويبقى الصحف المتخصصة .. وهذه لها قرائها .. وايضا الصحف التى تنشر على الانترنت .. هى أيضا لها من يقرائها .. وكلاهما لا يستحق الحديث عنه ، لأنها تقدم مضمونا متخصصا فى مجال معين كالفن او الرياضة او الدين ، فيقرأها شريحة ليست بالواسعة مثل الصحف الاخرى .


مشاهد من الحياة (الجزء الثانى) ــ عاشها معكم : أحمد مصطفى الغـر