الجمعة، 1 يناير 2010

الحلم فى الممنوع ! ـ قصة قصيرة جدا



لم يكن أبداً فى حسبانى أنى سأرى الناس فى وطنى سعداء هكذا ،تبدو عليهم بسمة تبعث السرور فى النفس ، و أذكر أننى لم أعهد أن رأيتها من قبل على أحد منهم ، فلما لا نسعد و نفرح ؟! ــ فالدعم أصبح يصل كاملاً وغير منقوص لمستحقيه، ولم يعد هناك طوابير طويلة بحثا عن الخبز أو انابيب البوتاجاز..رأيناهم يفصلون مياه الشرب عن مياه الصرف الصحى فأصبحت المياه نقية ،و علمنا أنهم قد وجدوا حلاً لمشلكة قش الارز فاختفت السحابة السوداء وأصبح الهواء نقياً ، أصبحت الشوارع نظيفة و واسعة تزينها الاشجار على الجانبين ، وجدوا طرقاً للتخلص من القمامة وأحسنوا استغلالها بعد أن أنشئنا ـ أخيراً ـ شركة نظافة وطنية ، أخبرونا بأنهم طوروا النظام الصحى: فأصبحت المستشفيات متكاملة يدخلها المريض فيخرج معافى بعد أن كان يخرج ( اذا خرج حياً ) مصاباً بأمراض و مضاعفات اخرى ،بل بات من الممكن أن تتصل بالاسعاف فتصل إليك سيارة الاسعاف فى نفس اليوم وقبل تشييع جثمان المريض وأخذ واجب العزاء فيه ،أصبحت المدارس مليئة بالطلاب وباتت الدروس الخصوصية من أطلال الماضى ، و دخلت الجامعات ضمن افضل 100 جامعة ، رأينا الفلاحين يزرعون أراضيهم مرة أخرى بعد هجرانهم لها ، بل اننا أصبحنا نأكل مما تنتجه أيدينا و مصانعنا الوطنية ، أخبرونا بأنهم توقفوا عن فرض الضرائب على الهواء وإكتفوا بالضرائب المالية و العقارية .. قالوا إن عصر الظلمات قد إنتهى و أننا نعيش ألان فى عصر النور والحرية ،فأصبحت الشرطة فى خدمة الشعب بعد أن كان الشعب هو الخادم الأمين لها ، وألغوا القيود على الحريات ،و توقفوا عن تكميم الأفواه و تقييد الأقلام.. فأصبحنا نرى الحرية أفعالاً ،بعد أن كانت مجرد أسماء ورموز للشوارع والمدارس والمحلات .. لم نعد نسمع عن مصطلحات مثل: بطالة ، فقر ، رشوة ، خصخصة ، فساد .. بل إن الأجيال الصاعدة أصبحت تسألنا عن معانى هذه المصطلحات .. فجأة وجدت صوتاً عالى بجوارى يقول: " إستيقظ .. الساعة ألان السابعة !" .. سألتهم عن كل ما سبق أخبرونى بأنى كنت أحلم .. أسرعت الى الجريدة فوجدت أن اليوم 1-1-2010 و أن عاماً جديداً قد بدأ .. مر عام كامل و لم يتغير شئ فى الوطن حلمنا به .. تصفحت الجريدة سريعاً فوجدت شيئاً لم يحدث .. تيقنت بأن كل ما سبق كان مجرد كابوس

كتبت فى أخر أيام عام 2009 .. بقلم: أحمد مصطفى الغر